للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بكتبه هاربا من أحمد بن الأغلب (٤١) حين دعاه إلى القول بخلق القرآن، فأقام عند عبد الرحيم شهرين ونصفا مستخفيا، فسمع عليه ما أراد من ذلك، واستجاب الله عزّ وجلّ دعوته.

فلما كان بعد ذلك، وصل (٤٢) رسول أحمد بن الأغلب إلى قصر زياد في طلب سحنون ورفعه إلى «رقادة» (٤٣) للمحنة في القول بخلق القرآن، فخرج عبد الرحيم مع سحنون يشيعه. فلما انتهى مع سحنون إلى آخر الحمى، استقبل عبد الرحيم القبلة ووقف سحنون قبالته يوادعه، فتعانقا وبكيا ودعا له عبد الرحيم بدعاء كثير وهو مستقبل القبلة، ثم قال لرسول ابن الأغلب، وهو ابن سلطان (٤٤): «قل لأحمد:

عارضتني في ضيفي، فو الله لأعرضنك على رب العالمين»، فاستجاب الله عزّ وجلّ دعاء عبد الرحيم وعافى الله عزّ وجلّ سحنونا مما طلب منه (٤٥)، ولم يصل إليه أذى، وأعزه الله تعالى وشرف قدره وأقام به السّنة وأمات به البدعة. ولم يقم أحمد بن الأغلب بعد ذلك إلاّ أياما حتى هلك (٤٦).

قال أبو إسحاق السبائي: «بلغني عن سحنون أنه قال (٤٧): «ذكر لي عن عبد الرحيم أنه أقام ستة أشهر لم يشرب ماء، فأنكرت ذلك وهالني، فمضيت إلى «قصر زياد» فاجتمعت به وقلت له: «اتصل بنا عنك وانتشر أنك أقمت ستة أشهر لم تشرب ماء»، فقال لي: «من لا يأكل (٤٨) الطعام لا يشرب».


(٤١) أحمد بن الأغلب هذا، هو أخو محمد بن الأغلب [٢٢٦ - ٢٤٢]، افتك من أخيه الامارة -بعد مناوشات وقعت بينهما- «ولم يبق لمحمد من الامارة إلاّ اسمها ومعناها لأخيه احمد» ثم استرجع محمد إمارته منه وأخرجه إلى العراق منفيا سنة ٢٣٢ ومات هناك. ينظر كامل ابن الأثير ٢٥: ٧، البيان المغرب ١٠٨: ١ - ١٠٩.
(٤٢) ورد هذا الخبر في المدارك ٧٠: ٤ - ٧١ (ترجمة سحنون).
(٤٣) كذا في الأصول. وهذا وهم. والصواب: القصر القديم. وهو مقر ملك بني الأغلب، ولم ينتقلوا عنه إلى رقادة إلاّ بعد سنة ٢٦٤.البيان المغرب ١١٧: ١.
(٤٤) في الأصل: ابن السلطان. والمثبت من (م) والمدارك.
(٤٥) في الأصل: به. والمثبت من (م).
(٤٦) ينظر تعليقنا اعلاه رقم ٤١.
(٤٧) الخبر في المدارك ١٩٤: ٤ - ١٩٥.
(٤٨) في الأصل: من أكل. والمثبت من المدارك.