للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: فلما أصبح الصبح سلّمت عليه وانصرفت، فلما نزلت على الدرج من «البرج» صيح بي، فرجعت إليه فقال لي: «سألتني عن شيء وكتمته عنك، فلما انصرفت حاسبت نفسي لك، وقلت: «لا أدعه ينصرف على غير صحيح، فالذي قيل لك عنّي هو صحيح: لي ستة أشهر لم أشرب ماء، وذلك أني كنت قائما أصلّي، فأصابني عطش شديد، فلما سلّمت من الصلاة مددت يدي لآخذ القسط‍، فانقلب القسط‍ وذهب كل ما فيه من الماء، وكانت ليلة كثيرة الريح والبرد، والماجل أسفل «القصر».فكبر عليّ النزول في طلب الماء، فقلت: «يا رب، إن هذا الماء شغلني عن حزبي، فاحمل عنّي المؤونة».

فأجابني صوت من زاوية البيت-ولم أر أحدا-وهو يقول: «أصلحك [الله] (٤٩)، أنا من مؤمني الجن، أصلّي بصلاتك مدة من الدهر، فمر بنا في هذه الليلة شيطان مارد من شياطين الجن-وهم أضر علينا مما هم عليكم، نهرب بأدياننا منهم-فحسدك على ما أعطاك الله عزّ وجلّ من الطاعة، فرمى لك شيئا في القسط‍، ولو شربته لعرض لك في جسمك شيء ليس لك به طاقة، /فلما مددت يدك إلى القسط‍ سبقتك إليه فهرقته».

قال عبد الرحيم: «فأخلصت لله عزّ وجلّ -فسألته (٥٠)، فحمل عني مؤونة العطش، وإن احتجنا-بعد هذا-إلى الماء شربنا».قال: «فنزل سحنون متقلدا بسيفه ليركب دابته، فنظر إليه الناس فقال لهم: «وما تستعظمون من هذا؟ عبد سأل مولاه في حاجة فقضاها له».

حدث أحمد بن [أبي] (٥١) حبيب البلياني (٥٢)، وكان رجلا صالحا، قال (٥٣):


(٤٩) زيادة يقتضيها السياق.
(٥٠) أي ابتهلت اليه. وتفسرها رواية المدارك: فأخلصت لله الدعاء. فحمل عني
(٥١) زيادة مما سيسنده عنه المالكي قريبا في نصّ آخر. كما أسند عنه اللبيدي في مناقب الجبنياني وعدّه من أهل العلم ثم تحدث عن صلته بصاحب المناقب. (المناقب ص ١١ والترجمة ص ٢٠٥ وفهرس الاعلام ص ٣٥٠).
(٥٢) هذه النسبة إلى بليانة نافذ-بدال معجمة أو مهملة-قرية قريبة من قصر زياد-حسب ما يرجح-.ينظر: مناقب الجبنياني ص ٥٥ والترجمة ص ٢٤٣ - ٢٤٤ وتعليق المترجم رقم ١٢٢.
(٥٣) النصّ في المدارك ١٩٥: ٤.