للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[كان] (٥٤) بقرب قصر زياد رجل من بني نافذ (٥٥) وكان له ناحية من السلطان، وكان له فرس وكان يطلقه في زرع المرابطين، فخوطب في ذلك فلم يقبل ولا سأل عن كلام من خاطبه، فأتى الناس إلى عبد الرحيم فذكروا ذلك له، فرفع عينيه إلى السماء وقال: «اللهم اجعله آية للعالمين واكف المسلمين شره»، فطارت عينا الفرس جميعا، وبقي أعمى لا يبصر شيئا، وكفى الله المسلمين شرّه.

وبإسناده (٥٦) قال: «بلغنا أن (٥٧) عبد الرحيم نزل به فقير من الفقراء، فلم يجد ما يقدمه إليه إلا قرصا من الشعير أعدّها (٥٨) لإفطاره، فآثر بها الفقير على نفسه فأتى بالقرص وقدمه إليه وبقي هو بلا شيء، فقيل له: «أصلحك الله، وما يكون منك، وأنت لا تقبل لأحد (٥٩) شيئا، وإنما تأكل من حلالك الذي تعرفه؟ » قال: فقال لهم: «إن الله تعالى لا يتركني بالجوع».فلما كان بعد ذلك بساعة، مر رجل من سكان المنستير (٦٠) «ببرج عبد الرحيم» فسمع فيه كلاما (٦١)، فدخل على عبد الرحيم، فلم يجد عنده أحدا، ووجد بين يديه قرصا وتمرا، فقال له: «تقدم فكل» فقال له: «سألتك بالله، أصلحك الله، من أين أتاك هذا؟ » فلما أقسم عليه قال: «أتاني به الخضر وقال لي: هذا التمر أتيتك به من أجدابية»، ثم قال عبد الرحيم: «آثرنا بما عندنا هذا الرجل الفقير فعوضنا الله عزّ وجلّ ما هو أفضل منه».


(٥٤) زيادة من المدارك.
(٥٥) بنو ناقد-كذا ورد هذا الاسم في الأصل، بدال مهملة قبلها قاف، واعتمدنا ما جاء رسمه في بعض الروايات-بالذال المعجمة مسبوقة بفاء-وهي أسرة عربية كانت تتولى المناصب السامية في الدولة الأغلبية، يراجع ما جاء من شذرات عن هذه الأسرة في المصادر: البيان المغرب ١٤٠: ١ - ١٤١، مناقب الجبنياني ص ٥٥، ٥٤، طبقات النحويين واللغويين ص ٢٧٢.
(٥٦) أي باسناد الخبر المتقدم عن أحمد بن أبي حبيب البلياني.
(٥٧) الخبر في المدارك ١٩٦: ٤.
(٥٨) في الأصل: استعدها. والمثبت من المدارك.
(٥٩) في المدارك: من أحد.
(٦٠) يرسمها ناسخ الأصل: المستنير.
(٦١) في الأصل: كلام.