للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفقير فعسى بك أنك لا تجد (٣٩) عنده ما يتعشّى عياله وأطفاله، وإن كان عندهم ما يتعشون به فأنت تضيق عليهم في عيشهم وتشق عليهم وإن لم يظهر لك ذلك؛ وإن قصدت الغني وجدت عنده خبزا طيبا من القمح الذي (٤٠) حرثه في أرضه التي ورثها عن أبيه وجده، وتجد عنده زيتا طيبا وتينا فاخرا من ميراثه أيضا، وعسى أن يذبح لك خروفا من غنمه، وهي ترعى أراضيه وزيتونه، فتسره ولا تدخل عليه بمضرة وتجد بغيتك وتأكل شهوتك.

فخطوت في الطريق ثلاث خطوات، ثم استيقظت من نومة الجهل والهوى فقصدت الطريق إلى قرية الفقير، فاجتمعت به، فرحب بي وفرح، وأنزلني عنده.

فلما حضر العشاء ضرب علينا إنسان الباب، فخرج إليه صاحب الدار فدخل رجل/وعلى يده صحفة كبيرة فيها ثريد بخبز القمح وعليها لحم خروف سمين، فقال لي: «كل، أيدك الله» فأكلنا حتى شبعنا، وحمل الفضلة إلى عياله.

ثم ضرب الباب مرة أخرى، فأتى بطبق في وسطه صحفة فيها زيت فاخر وحولها تين فاخر، فقال لي: «كل، يرحمك الله»، فأكلت حتى بلغت أمنيتي من ذلك، فقلت له: «من أين هذا؟ فأنا أعرف أن هذا ليس من مقدرتك» فقال:

«صدقت، ولكن أتاني من عند جاري» فقلت له: «صح به»، فأتاني به.

فقلت له: «من عندك هذا الطعام؟ » قال: [نعم] (٤١)، فقلت له: «أكنت منا على وعد؟ » فقال: «لا، لكن كان عندنا خروف سمناه، فلما كان في هذا اليوم حلا بقلوبنا ذبحه، فذبحناه وطبخناه وصنعنا (٤٢) له الخبز، وثردناه (٤٣). فلما رأيت جارنا قد نزلت به، قلت: «هذا الرجل صالح وليس يعرفه وليس يستضيف به إلا رجل صالح مثله، ونعرف أن ليس عنده طاقة»، فقلت للزوجة: «نحن نجد العوض عن


(٣٩) كذا جاءت العبارة في الأصل. وروايتها في المدارك عساك لا تجد.
(٤٠) في الأصل: إلى.
(٤١) زيادة يقتضيها السياق.
(٤٢) في الأصل: وصفينا. والإصلاح من عند الناشر السابق. وربما تكون رواية الأصل صحيحة. وفي المعجم الوسيط‍ (صفو): صفّاه: أزال عنه القذى والكدرة، ونقاه مما يشويه.
(٤٣) في الأصل بدون إعجام. والصواب ما أثبتنا. وينظر: المدارك. وقرأها ناشر الطبعة السابقة: بردناه.