للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنا خيرا، فقد انقطع عنا البق فما رأيناه من الوقت الذي/دعا فيه واصل»؛ رحمه الله تعالى.

وذكر سعدون أيضا، قال: أردت الحج، فمضيت إلى واصل الجمّي أودعه وأسأله الدعاء، قال: فدخلت إليه فإذا عنده من البراغيث والبق أمر عظيم، قال:

فأقبلت أتحرك كلّما أكلوني، وواصل جالس لا يتحرك، فلما رأى قلقي قال: «يا سعدون، ما لك؟ » فأخبرته بما أصابني من ذلك، فقال لي: «أتحسهم يا سعدون؟ » فقلت له: «نعم» فقال: «يا سعدون، عاذك في أبي جاد (٦٥)، ما أتى بك؟ » فقلت له: «إني أردت التوجه إلى الحج، فأتيت إليك لأودعك وتدعو لي» فقال لي:

«وجمعت الدنانير يا سعدون، دينارا على دينار، حتى لزمتك (٦٦) فريضة الحج؟ لقد أكلت، يا سعدون، على هذا الحصير طعاما لم تمسه الأيدي. وما أخبرتك بهذا إلا لتعمل! ».

وذكر عن أبي محمد الجبي أن (٦٧) واصلا خرج ليلة من المسجد، فلما صارت إحدى رجليه خارج المسجد والأخرى داخله عرضت له فكرة، فرفع رأسه إلى السماء وقال لنفسه: «أطاعته السّماوات والأرضون على عظمتهن ومن فيهن، وعصيته أنت على صغرك وضعفك! »، قال ذلك يخاطب نفسه، فبقي باهتا حينا طويلا حتى استغرق واسترخت يداه (٦٨) وسقط‍ مغشيا عليه، وصادف رأسه الحائط‍ فجرحه، فبادر سكان القصر فحملوه وغسلوا الدم عنه وربطوا رأسه وهو في حاله، رحمه الله تعالى.

ولما حكى أبو الحسن (٦٩) عن واصل قوله لسعدون: «لقد أكلت طعاما على هذا الحصير لم تمسه الأيدي ... » قال له بعض من حضر: «لعله يريد الفواكه، لأنها لم


(٦٥) كذا في الأصل. وهي غير واضحة تماما وربما كان المقصود: إني عوذتك بأبي جاد وهي حروف أبجد. والمعروف ان لها خواصّ وأسرارا عند طلاب الطلاسم وأسرار الحروف. ينظر: مقدمة ابن خلدون ص ٩٢٣ وما بعدها.
(٦٦) في الأصل: لزمك.
(٦٧) الخبر في المدارك ١٩٩: ٤ - ٢٠٠ مسندا عن المالكي.
(٦٨) في الأصل: يده.
(٦٩) يرجح ان المراد هنا: أبو الحسن علي بن محمد بن الخلاف.