للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال (٢٣): ذكر لي بعض سكان «المنستير» «بقصر ابن الجعد» (٢٤) أنه خرج من بيته إلى الميضاة التي في أسفل القصبة، فسمع في البيت الذي يفتح إلى القبلة بقرب الميضاة (٢٥) قارئا يقرأ في سورة الأعراف: (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحِينَ، فَدَلاّهُما بِغُرُورٍ) (٢٦). وهو يرددها ويبكي، فقضى حاجته ورجع إلى بيته والقارئ في هذه الآية على حاله يرددها ويبكي. وكانت ليلة شاتية، فلما كان آخر الليل نزل يتوضأ لصلاة الصبح، فجاز بذلك البيت، فسمع الرجل يردّد الآية لم يزل عنها، فوقف عند الباب ليسمع قراءته، فسمع حسّ وقوع الدموع على الحصير، ولم يزل كذلك حتى غشيه الفجر، فخاف أن تفوته الصلاة، فأسرع بالوضوء (٢٧)، ووقف إزاء الباب ينتظر خروج ساكن ذلك البيت، فخرج رجل قد ستر وجهه بردائه، فطلع إلى مسجد القصبة فاستقصى عليه حتى عرفه، فإذا به محمد بن سحنون، رضي الله تعالى عنه.

وقال اللبيدي: سمعت من أثق به يقول: «خرج محمد بن سحنون من القيروان إلى «قصر الطوب» (٢٨) للعبادة والحرس على المسلمين، قال: فنزلت قطاع الروم بساحل ذلك البحر، فضربوا على الساحلين وعلى تلك المنازل، فتصايح الناس ولم يكن مع محمد بن سحنون إلا بغل، فخاف إن بعث إلى سوسة في طلب فرس أن ينال الروم من المسلمين بغيتهم، فتقلد بسيف وأخذ رمحا ودرقة، وركب ذلك البغل الذي كان معه، واجتمع إليه الناس في جماعة من المرابطين ومن بقرب من القصر من أهل البوادي/التي حوله، وتمادى بمن معه إلى الروم فوجدهم قد أشرفوا على نهب


(٢٣) الخبر في المدارك ٢٠٩: ٤ - ٢١٠ والمعالم ١٣١: ٢.
(٢٤) قوله: بقصر ابن الجعد. ربما يكون سبق قلم من المؤلف: وما يجعلنا نتشكك في ذلك ان قصر ابن الجعد ليس به قصبة، وانما القصبة والربض يختصان بقصر المنستير الكبير. ينظر: الرياض ٢ (ترجمة أبي الفضل الغدامسي، حيث جاء هناك حديث عن ربض قصر المنستير وقصبته).
(٢٥) وردت عبارة «يفتح الى القبلة» بعد كلمة «الميضاة» فرأينا تقديمها ليستقيم النصّ. بينما رأى ناشر الطبعة السابقة أنها مقحمة.
(٢٦) سورة الأعراف، الآيتان ٢١ - ٢٢.
(٢٧) في الأصل: فاسرع الوضوء. والتصويب للناشر السابق.
(٢٨) في الأصل: الطور. والصواب ما أثبتنا. وهو أحد الرباطات المشهورة بالساحل التونسي تقدم تعريفنا به.