للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأموال وسبي الحريم، فكبر عليهم هو ومن معه وقد ناشبوهم القتال، فهزمهم الله على يديه، وقتل منهم مقتلة عظيمة وأتبعهم بالهزيمة حتى أدخلهم البحر هاربين، فحلف محمد بعد ذلك أنه لا يخرج إلى الحرس إلا بفرس».

ورأيت (٢٩) موعظة كتب بها محمد بن سحنون إلى بعض أمراء بني الأغلب يقول فيها:

«أما بعد، فإني أوصيك ونفسي بتقوى الله الذي بطاعته نيلت معالي الأمور وارتقي إلى شرفها. وأول ما آمرك به النظر لنفسك ومعادك الذي تصير إليه، فلا دنيا لمن لا آخرة له، وبحسن المنقلب يغبط‍ المرء. فانظر لنفسك وخذ بعنانها واحبسها في (٣٠) كل أمر تنازعك إليه. فعمّا (٣١) قليل تذهب الدنيا وتأتي الآخرة، فلا ينفع نفسا إلا ما قدمت ولا يسوؤها إلا ما عملت. وقد كان يقال: إن خير الخلطاء وأنفع الأخلاء المرشدون في المضلات، المذكرون في الغفلات. فأذكرك يوما هو منك قريب، تنزل فيه بساحتك ملائكة الرحمن، وقد أسلمك الأهل والولدان، تعطي حيث لا يقبل منك، مسلوبا منك ما في يديك منه، مودعا في بطن الأرض. ثم بعد ذلك الطامة الكبرى: يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود، ثم ينشر لك كتاب (٣٢) فيه من عملك مثاقيل الذرّ والخردل، فانظر كيف أنت عند ذلك. وقد قلّدت أمرا عظيما، لكل الخلق فيك نصيب، قد اشترك فيك العدو والصديق؛ فخلص نفسك من وثاقها بأن تملأ الأرض عدلا كما أمرك الله سبحانه. واعلم أن الذي ملكك أمر عدوك، وأدال لك عليه، وأذله بين يديك، هو الله ربك وربه، وإلهك وإلهه، ومالكك ومالكه، يديل الأمور بينك وبينه في الدنيا، ثم يتولّى الحكم بينك وبينه يوم القيامة، فيأخذ منك له (٣٣) بمثاقيل الذر والخردل. فانظر، رحمك الله وإيانا، لنفسك نظر من يموت غدا ثم يحاسب بجميع ما قدم. ولا تملّك نفسك عنانها، وتمهل في أمرك، وآثر الله عزّ وجلّ عند غضبك، واعمل في ذلك وكل أمرك بما


(٢٩) في الأصل: ورأيت له. والأولى حذف كلمة «له».
(٣٠) علق الناشر السابق على هذا بقوله: كذا في الأصل. ولعلّ الأصوب هنا: عن.
(٣١) في الأصل: فعن. ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(٣٢) في الأصل: كتابا.
(٣٣) في الأصل: فيأخذك له.