كتاب رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية

ذكر الطبقة الخامسة من علماء القيروان وعبادها وما يتصل بها من بعض مدنها ومراسيها - ١٥١ - ومنهم أبو حفص عبد الجبار بن خالد السرتي (¬**) رضي الله تعالى عنه. - ج: 1 - ص: 466

بن خالد إلى صلاة الجمعة [يوم] (١٨) طين على بغل راوية (١٩)، لم يجد ما يركب عليه غير ذلك، فلما فرغ من صلاة الجمعة لم يجد دابة يرجع عليها إلى داره. وكانت داره بعيدا من الجامع، فأتاه رجل من جند ابن الأغلب بفرس مسرج فسأله في ركوبه فركب، فلما استوى على الفرس نظر إليه أصحابه، فقال لهم: ما لكم تنظرون إليّ؟ أما ورع انتقص أو علم [زاد] (٢٠). [وإنما] (٢٠) فعله-رضي الله تعالى عنه-لوجه الضرورة لمنعه من المشي، وأخذ [في] (٢١) ذلك بالعلم، ولا يحمل عليه إلا أنه تصدق بقدر انتفاعه بركوب الفرس.

وذكر (٢٢) أن أولاد إبراهيم بن أحمد الأمير طهرهم، فمضى أهل العلم من شيوخ القيروان لتهنئته. وكان فيمن مضى إليه عبد الجبار بن خالد، فلما أتى إلى الأمير أكبره وعظمه وسر برؤيته، وأخرج إليه أولاده فدعا لهم وبارك (٢٣) عليهم. ثم قال:

«أيها الأمير، هل علمت مقدار هذه النعمة التي أنعم الله تعالى عليك بها؟ فإنه أعطاك مثل هؤلاء البنين، وعلمتهم (٢٤) كتاب الله عزّ وجل، وأحييت فيهم سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد (٢٥) بلغني [أنك بالغت] (٢٦) فيما عملت [من الأطعمة] (٢٦) ودعوت إلى ذلك الأغنياء» فقال له: «أجل، لموضع المسرة [لا منّا] (٢٧) بذلك» فقال له عبد الجبار: «فلو استكملت هذه المسرة بأن تذكر الفقراء فيها! » فقال له/: «صدقت وبررت»، ثم دعا بكيس فيه خمسمائة دينار ودفعه لعبد الجبار وسأله أن يفرقه على الفقراء والمساكين، فأجابه عبد الجبار إلى ذلك، فسر الأمير

---

(١٨) زيادة من المدارك.
(١٩) في القاموس (روي)، الرّاوية: البعير، والبغل، والحمار يستقى عليه.
(٢٠) زيادة من المدارك.
(٢١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢٢) الخبر في المعالم ١٩٠: ٢.
(٢٣) في (م) والمعالم: وبرّك.
(٢٤) في (م) والمعالم بدون واو.
(٢٥) من هنا إلى قوله: تذكر الفقراء. أقحم في ترجمة أبي عياش المتقدمة (رقم ١٤٩ تعليق رقم ٢٠) وعنها أصلحنا الخلل الحاصل في هذا الموضع.
(٢٦) أكملناها من النصّ المذكور. ينظر التعليق السابق.
(٢٧) تكملة من النصّ السالف الذكر. وعبارة (م): لموضع المسرة منا بذلك.