للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هدمه، فكلم في ذلك بعض السودان فقالوا: «إنا لنرى عليه نورا عظيما، فهو الذي منعنا من هدمه».

وكان، رحمه الله تعالى، لا يكاد يخرج عن مذهب مالك وأصحابه، كثير النهي عن كل محدثة وبدعة.

وكان يشتدّ عليه أمر «مسجد السبت» ويودّ لو أنه هدم حتى لا يجتمع فيه أحد.

وقد تكلّم فيه بكلام شديد كبير (٤٠). وخالف يحيى بن عمر من أصحاب سحنون جماعة، وغيرهم، (٤١) في جميع ما ذكره، فكانوا يحضرونه ويجتمعون فيه، منهم أحمد بن معتب وغيره، وفيه كانت وفاته. وحضره- ممن هو دون أحمد بن معتب في الطبقة-أبو بكر بن اللباد وأبو بكر بن سعدون وربيع القطان. لكنه كان في ذلك الزمان على خلاف ما هو عليه اليوم، وذلك أنهم كانوا يحضرونه بالوقار والسكينة والخشوع وغزر الدمعة وكثرة الصدقة والمعروف، وكانوا يقولون فيه أشعار أبي معدان (٤٢) في الزهد والمواعظ‍ وأهوال يوم القيامة وصفات أولياء الله تعالى، ويركّبون (٤٣)


= عنه الدكتور حسين مؤنس (الرياض الطبعة السابقة ٤٠٠ هامش ٣): «رفدوا المراكب بمعنى ان اعوان السلطان ثقلوها برخام القبور، حتى لا تلعب بها امواج البحر.
(٤٠) في الأصل بدون اعجام، وقراها ناشر الطبعة السابقة: كثير. والصواب ما أثبتنا وكبير هنا ترادف الشدة. وهو تعبير تونسي.
(٤١) كذا جاءت هذه العبارة في الأصل.
(٤٢) كذا في الأصل: وسيذكره المالكي في مواضع اخرى (ينظر الجزء الثاني) بنفس الاسم ولا يزيد في جميعها على الكنية. ورغم بحثنا الشديد في المصادر المتوفرة لدينا عن هذا الشاعر فاننا لم نصل في امره الى غير التخمين والافتراض. وتخميننا وافتراضنا يحملاننا على القول بانه لا يعدو أن يكون احد شخصين.
١ - محمد بن يوسف بن معدان بن سليمان أبو عبد الله الاصبهاني ويلقب بـ "عروس الزهاد" توفي بالمصيصة سنة ٢٨٤ دون الاربعين من عمره. تاريخ اصبهان ٢: ١٧١ - ١٧٣، صفة الصفوة ٤: ٨١ - ٨٣، حلية الأولياء ١٠: ٣٨٩ - ٣٩٠.
٢ - محمد بن يوسف بن معدان بن يزيد بن عبد الرحمان ابو عبد الله الثقفي، يعرف بالبناء الصوفي، اصبهاني اقام بمكة. توفي سنة ٢٨٦، تاريخ اصبهان ٢: ٢٢٠، حلية الأولياء ١٠: ٤٠٢، صفة الصفوة ٤: ٨٣ - ٨٤، طبقات الاولياء ص ٤٠٢ - ٤٠٦. وعلى هذا الاساس فاننا نرجح ان صحة الاسم: ابن معدان وليس ابي معدان. ونلاحظ ان ابن عبد البرّ انشد بيتين لمن سماه "ابن معدان" في مدح العلم وذم الجهل، جامع بيان العلم ٢: ٢١٢.
(٤٣) في الاصل: يركبوا.