للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو الحسن بن الخلاف: وهذه أمور لا يستوي الناس فيها، ولا تستوي مقاصدهم وكلّ إنسان له شأن هو أعلم به، فإذا صحّ له فلا درك/عليه ولا يعنّف أحد يعلم صحته وحسن مقصده، إنما يعنف الذي لا يصحّ مقصده، ويتزين لما يرتفع [به] (٤٨) عند الناس وهذا الرياء والهلاك.

قال سليمان: وقف يوما محمد بن عسكر (٤٩) فقال:

إن أقبلت قلت (٥٠): صباح أقبلا ... وإن أدبرت قلت (٥١): ليل أظلما

جارية تيّمت المتيّما ... يحكي شعاع الشمس منها المبسما

فقال عبد الوهاب: الرجل الصالح لا خاطب ولا عاشق، وأقبل يصيح:

أين الخطاب، وأين العاملون، وأين العارفون بالله؟ أين المستحيون من الله عزّ وجلّ؟ ثم صاح وبكى وبكى الناس لبكائه ثم وقع مغشيّا عليه.

قال أبو الربيع: وكنت أدخل على عبد الوهاب بعد العصر، فيقول لي: يا بني خذ لي تلك الأبيات:

*ضرّ التقى وتصفر الألوان*

قال أبو الربيع: فاندفعت أقول:

ضرّ التقى وتصفّر الألوان ... من أوجه طفيت على (٥٢) الأبدان

ولزومك المحراب ليلك ساجدا ... لتجازي (٥٣) الإحسان بالإحسان

فاندفع عبد الوهاب في النياحة [والبكاء] (٥٤) وأقبل وهو يقول: وافرحهم بك، واتغير ألوانهم فيك، واشوقهم إليك.


(٤٩) عرّف الحميدي (الجذوة رقم ١٢٤، وعنه نقل الضبي في البغية رقم ٢٤٤) بشاعر يحمل هذا الاسم إلاّ أنه لم يزد، في التعريف به، على القول بأنه «شاعر متصرف في القول» ثم أورد له أبياتا من قصيدة التزم فيها اطراح حرف الراء. ولم يبين أوليته هل هو إفريقي انتقل إلى الأندلس أو العكس كما لم يفد شيئا عن العصر الذي عاش فيه.
(٥٠) في (ق): فقلت.
(٥١) في (ق): فقل
(٥٢) في (ق): عن.
(٥٣) في (ب): لتجزى
(٥٤) زيادة من (ب).