للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل الروم بعلبك، فأخذوا منها ومما حولها سلباً كثيراً، وأحرقوا؛ وذلك في شهر رمضان، وانتشرت خيلهم وسراياهم في أعمال بعلبك والبقاع تحرق وتسبى، وامتدوا إلى الزبداني، فأخذ الناس عليم المضايق، ومنعوهم من الدخول إلى الوادي.

وخرج من دمشق قوم فخاطبوا كبير الروم في الهدنة، فطلب منهم مالا لينصرف عن البلد، فخرج إليه أفتكين ليخاطبه عن البلد، وأهدى إليه من كل ما كان معه من بغداد، فأكرمه وقربه، فخاطبه أفتكين في أمر البلد، وأعلمه بأنه خراب ليس فيه غير حمال السلاح ولا مال فيه، فقال له: ما جئنا لنأخذ مالاً، وإنما جئنا لنأخذ الديار بأسيافنا، وقد جئتنا بهدية، وقد أجبناك إلى ما طلبت، وغرضنا فيما نأخذه من المال أن يقال بلد ملكناه فأخذنا هديته.

فقال أفتكين: هذا بلد ليس لي فيه إلا أيام يسيرة، ولم آمر فيه ولم أنه، وقد خرج معي إليك رجل له يد في البلد، يمنعني من كل ما أفعله.

وقد كان خرج معه علاء بن الماورد، فقال: ومن يدفعك عما تريد؟ قال: هذا وأصحابه.

فأمر بالقبض على بن الماورد، فقبض وقيد، وجرت الموافقة مع أفتكين على أنه يجبي المال ويكون على سبيل الهدنة، ويكف عن دمشق وأعمالها، فعاهده ملك الروم على ذلك، وعاد أفتكين إلى دمشق، افثار أصحاب ابن الماورد بالسلاح يريدون أفتكين، فمنعهم الناس.

وكان أبو محمود إبراهيم بن جعفر حينئذ بطبرية، فبلغه خروج أفتكين إلى الروم، فسير جيش بن الصمصامة في نحو الألفين ليأخذ دمشق، فسرى من طبرية، وكان شبل بن معروف العقيلي على شينيه وليس لجيش به علم، فركب إليه شبل في جمع من العرب فواقعوه فانهزم، وأتى الخبر إلى أفتكين وقد خرج من عند ملك الروم، فخرج الأتراك وأدركوهم فقتلوا منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>