فصيحا بليغاً، لم يضبط عليه قط صياح ولا حدة، ولا سمعت منه في خطاباته أبداً كلمة فيها فحش ولا قذع ولا قبح.
وكان سبب قتله أنه اتهم بموالاة سيدة الملك ومراعاتها، وكان الحاكم قد انفلق منها فلما قتل استدعى الحاكم أولاده وخاطبهم، ولم يتعرض لشيء من تركة أبيهم؛ وأمر ابنه أبا الفرج أن يركب في الموكب، وأقره على إقطاعه، ومبلغه في السنة خمسة عشر ألف دينار.
وفي جمادى الأولى رد الحاكم على بني عمرو بن العاص حبس جدهم عمرو بن العاص، ومبلغه في الشهر نحو مائتي دينار.
وتزايد ركوب الحاكم حتى كان يركب في اليوم الواحد عدة مرات، وعظمت هباته وعطياته. ثم أمر بابتياع الحمير، وصار يركبها من تحت السرداب إلى باب البستان إلى المقس، ويغلق الأبواب التي يتوصل منها إلى المقس وقت ركوبه، ومنع الناس من الخروج إلى هذه المواضع.
وفي جمادى الآخرة قدم رسول ملك الروم، فاصطفت العساكر من باب القصر إلى سقاية ريدان بعددها وأسلحتها، وركب الحاكم بصوف أبيض وعمامة مفوطة بمظلة مثلها، وولي العهد يسايره وعليه ثوب مثقل، ومعهم الجواهر. وأحضر الرسول ومعه