رءوسهم إلى القاهرة، وقتل من كان بها من رهائنهم؛ فنفرت عنه بنو قرّة، وكان منهم ما يأتى ذكره من قيامهم مع أبى ركوة.
وفى ثالث رجب خلع على أبى القاسم عبد العزيز بن محمد بن النعمان، ونزل إلى الجامع العتيق وبين يديه ثياب صحاح، وحمل على بغلتين مسرجتين ملجمتين؛ وقرئ له سجل بالنظر فى المظالم وسماع البينة فيها.
وحمل رحل برجوان إلى القصر على ثمانين حمارا. وقرئ سجلّ بالقصر نصه بعد البسملة:
«معاشر من يسمع هذا النداء من الناس أجمعين: إن الله - وله الكبرياء والعظمة - أوجب اختصاص الأئمة بما لا يشركها فيه أحد من الأمة. فمن أقدم بعد قراءة هذا المنشور على مخاطبة أو مكاتبة لغير الحضرة المقدسة بسيدنا أو مولانا فقد أحلّ أمير المؤمنين دمه.
فليبلّغ الشاهد الغائب إن شاء الله».
وأفطر فى رمضان مع الحاكم جماعة رتّبوا عن يمينه ويساره؛ وصلى فيه جمعتين بالناس، وركب لفتح الخليج.
ووصل تموصلت بن بكار الأسود، عبد ابن زيرى (١)، وكان قد ولاّه طرابلس المغرب، فجار على أهلها وأخذ منها مالا كثيرا وفرّ خوفا من مولاه؛ فسار من طرابلس المغرب، ومعه نيّف وستون ولدا ما بين ذكر وأنثى، فى عسكر كبير، بعد أن مرّ ببرقة، ودفع ليانس العزيزى متولّيها ثلاثين ألف دينار لخاصّة نفقته، وأنفق فى عسكره ورجاله مالا كثيرا، وسلّم إليه مخازن فيها العسل والسّمن والقمح والشعير والزيت وغيره. فجلس له الحاكم وأجلسه، فكان من كلامه للحاكم: قد وصلت إلى حضرة مولانا بالأهل والمال
(١) أبو مناد بن باديس، ناصر الدولة، من أسرة زيرى التى حكمت إفريقية والمغرب الأوسط فى ظل الفاطميين، ثم استقلالا عنهم. معجم الأنساب.