وأصبح عند قبر الفقاعي، ثم توجه إلى شرقي حلوان، وتبعه ركابيان، فأعادهما. وبقي الناس على رسومهم يخرجون يلتمسون رجوعه إلى يوم الخميس سلخ الشهر المذكور، ثم خرج خواص من بطانته فبلغوا دير القصير، ثم أمعنوا في الدخول في الجبل؛ فبينما هم كذلك إذ بصروا بالحمار الذي كان راكبه على قنة الجبل وقد ضربت يداه بسيف فأثر فيهما وعليه سرجه ولجامه. وتتبع الأثر فقاد إلى أثر الحمار في الأرض وأثر راجل خلفه وراجل قدامه؛ فلم يزالوا يقصون هذا القص حتى انتهوا إلى البركة التي في شرقي حلوان، فنزل فيها رجل فوجد فيها ثيابه وهي سبع جباب، ووجدت مزررة فيها آثار السكاكين، فلم يشك في قتله. فكانت مدته ستا وثلاثين سنة وسبعة أشهر، وكانت ولايته خمسا وعشرين سنة وشهرا. وكسفت الشمس يوم موته. وكان جوادا بالمال سفاكا للدماء قتل عددا كثيرا من أماثل دولته وغيرهم صبرا، وكانت سيرته من أعجب السير.
قال: ومنع النساء من الخروج إلى الطرقات ليلا ونهارا، ومنع الأساكفة من عمل الخفاف المنجة لهن؛ فأقمن على ذلك سبع سنين وسبعة أشهر إلى خلافة الظاهر.
قال أحمد بن الحسين بن أحمد الروذباري في كتاب الأدباء على ما نقله ابن سعيد: وقتل الحاكم ركابيا له بحربة في يده على باب جامع عمرو بن العاص وشق بطنه بيده. وعم بالقتل بين وزير وكاتب وقاض وطبيب وشاعر ونحوي ومغن ومختار وصاحب ستر