فتحت قبل ذلك، فرأى بالسرير وأخذ أعداءه وهدم بيعة ثمامة في سنة ثمان وثمانين وثلثمائة؛ وخرج رسمه إلى الوزير على لسان خادم أن يتب: أمرت حضرة الإمامة بهدم قمامة، وأن يجعل علوها خفضا، وسماؤها أرضا.
وبلغه أن المغاربة تلعنه، فقرب الفقهاء المالكية وأمرهم بتدريس مذهب مالك بن أنس في الجامع. وكان يحب العلماء ويقدم ما يرد فيه، وإذا رأى رأيا عزم عليه وأمضاه. وكتب إليه رجل: إن فلانا مات وخلف مالا، فوقع بخطه على ظهر الرقعة: السعاية قبيحة إن كانت صحيحة. وكتب إليه آخر: إن فلانا مات وخلف بنتا، وقد أخذت جميع مال أبيها، فوقع على ظهر الرقعة: المال مال الله، واليتيم جبره الله، والساعي لعنه الله، وعلى مذهبنا يجوز أن ترث البنت جميع مال أبيها. ومنع النساء الخروج من البيوت، فقيل إن فيهن من لا تجد من يقوم بشأنها فتموت جوعا، فأمر الباعة بالتطواف في السكك وأن يبيعوهن من خلف الأبواب ويناولوهن بمغارف طوال السواعد. وكان أمر ألا يكشف مغطى، فسكر رجل ونام في قارعة الطريق وغطى نفسه بمنديل، فصار الناس يمرون به ولا يقدر أحد أن يكشف عنه. فمر به الحاكم وهو كذلك، فوقف عليه وقال له: ما أنت؟ فقال: أنا مغطى، وقد أمر أمير المؤمنين ألا يكشف مغطى. فضحك وطرح عنده مالا، وقال: استعن بهذا على ستر أمرك. وقرر الحاكم بعد ابن الفرات ذا الرياستين قطب الدولة أبا الحسن علي بن جعفر بن فلاح، واستمر إلى أن قتل الحاكم.
انتهى ما ذكره ابن أبي طي، وفيه تحامل شعر به واحد من مؤرخي مصر ذكره.
وقال الروحي على ما حكاه عنه ابن سعيد: ولم يزل الحاكم خليفة إلى سنة إحدى عشرة وأربعمائة، فخرج ليلة الاثنين السابع والعشرين من شوال، فطاف ليلته كلها على رسمه