وكان أبو عبد الله أنوشتكين النجري الدرزي أول رجل تكلم بدعوته، وأمر برفع ما جاء به السرع، وسير مذهبه إلى بلاد الشام والساحل، ولهم مذهب في كتمان السر لا يطلعون عليه من ليس منهم. وكان الدرزي يبيح البنات والأمهات والأخوات. فقام الناس عليه بمصر وقتلوه، فقتل الحاكم به سبعين رجلا. وأنفذ الدرزي إلى الحجر الأسود برجل ضربه وكسره؛ وادعى الربوبية. وقدم رجل يقال له يحيى اللباد، ويعرف بالزوزني الأخرم، فساعده على ذلك، ونشط جماعة على الخروج عن الشريعة.
وركب يوما من القاهرة في خمسين رجلا من أصحابه إلى مصر، ودخل الجامع بدابته، وأصحابه كذلك، فسلم إلى القاضي رقعة فيها: باسم الحاكم الرحمن الرحيم، فأنكر القاضي ذلك، وثار الناس بهم وقتلوهم، وشاع هذا في الناس فلعنوه. ويقال إنه خرج يوما وعليه قباء أطلس وفي وسطه سيف، فخلع القباء وقال: هذا الظاهر قد خلعته، ثم جرد السيف وقال: هذا الباطن قد سللته.
قال: وفي السنة التي قتل فيها الحاكم أشاع أنه يريد أن ينزل في أول رمضان إلى الجامع ومعه الطعام، فمن أبى الأكل قتله. وكان دعاته إذا ركب يقولون: السلام عليك يا واحد يا أحد، ويغلون فيه الغلو المفرط. وادعى أنه حصل له كتاب الجفر. ولما غلب على الحرمين وعد العلويين أهل المدينة إذا هم مكنوه من فتح دار جعفر بن محمد الصادق بوعود كثيرة، ففتحها، وكانت مغلقة، فإذا فيها قعب خشب ومصحف وسرير سعف وقدره؛ ولم تكن