ثم لما عزم على الرجوع ودع الخليفة والصالح بن رزيك بقصيدة، فأوسعاه إكراماً وإنعاماً، ورسم أن يكون تسفيره خمسمائة دينار كما كانت وفادته، وبعثت إليه السيدة مثل ذلك؛ وخلع عليه للسفر، ودفع له الصالح مائة دينار. وكتب له إلى ناصر الدولة والي قوص بمائة إردب من القمح وحملها من مال الديوان إلى مكة. وكتب له كتاب إلى محمد بن عمران، صاحب عدن، ببراءته من ثلاثة آلاف دينار وإسقاطها عنه.
وسار في شوال إلى مكة فتسلم القمح من قوص وحمل معه إلى مكة من مال الديوان. ولما وقف صاحب عدن على الكتاب أبرأه من الثلاثة آلاف دينار وأسقطها عنه، فسير إلى الصالح بقصيدة من عدن يشكره على ذلك؛ فلما وقف عليها قال: قد فرطنا فيه حين تركناه يخرج من عندنا، ولقد كان إمساكه للخدمة والصحبة أولى.
ثم عاد بعد ذلك بمدة، واستقر بعد ذلك من جملة خدام الدولة وخواصها.
فيها مات الفقيه أبو المعالي مجلى بن جميع بن نجا المخزومي القرشي الأرسوفي الشافعي، صاحب كتاب الذخيرة في الفقه.