بعفوه وأن كسروا الخراج وطردوا العمال وسألوا ما ليس لهم من الحق ثم خلطوا احتجاجاً باعتذار وخصومة بإقرار وتنصلا باعتلال، فلما انتهى ذلك إلى المهدي خرج إلى مجلس خائه وبعث إلى نفر من لحمته ووزرائه فأعلمهم الحال واستفهم للرعية ثم أمر الموالي بالابتداء وقل للعباس بن محمد "أي عم" تعقب قولنا وكن حكماً بينا وأرسل ولديه موسى وهارون فأحضرهما الأمر وشاركهما في الرأي وأمر محمد بن الليث بحظ مراجعتهم وإثبات مقالتهم في كتاب.
فقال سلام صاحب المظالم: أيها المهدي إن في كل أمر غاية ولكل قوم صناعة استفرغت رأيهم واستغرقت أشغالهم واستنفدت أعمارهم وذهبوا بها وذهبت بهم وعرفوا بهم ولهذه الأمور التي جعلتنا فيها غاية وطلبت معونتنا عليها أقوام من أبناء الحرب وساسة الأمور وقادة الجنود وفرسان الهزاهز وإخوان التجارب وأبطال الوقائع الذين رشحهم سجالها وفياتهم ظلالها وعضتهم شدائدها وفرمتهم نواجذها فلو عجمت ما قبلهم وكشفت ما عندهم لوحدت نظائر تؤيد أمرك وتجارب توافق نظرك وأحاديث تقوي قلبك فأما نحن معاشر عمالك وأصحاب دواوينك فحسنٌ بنا، وكثيرٌ منا أن نقوم بثقل ما حملتنا من عملك واستودعتنا من أمانتك وشغلتنا من إمضاء عدك وإنفاذ حكمك إظهار حقك.
فأجابه المهدي إن في كل قوم حكمة ولك زمان سياسة وفي كل حال تدبيراً يبطل ألآخر الأول ونحن أعلم بزماننا وتدبير سلطاننا.
قال نعم أيها المهدي أنت متبع الرأي وثيق العقدة قوي المنة بليغ الفطنة معصوم النية محضور الروية مؤيد البديهة موفق العزيمة معان بالظفر مهدي إلى الخير، إن هممت في عزمك مواقع الظن وإن اجتمعت صدع فعلك ملتبس الشك فاعزم يهد الله إلى الصواب قلبك وقل ينطق الله بالحق لسانك فإن جنوك جمة وخزائنك عامرة ونفسك سخية وأمرك نافذ.