فأجابه المهدي أن المشاورة والمناظرة بلا رحمة ومفتاحاً بركة لا يهلك عليهما رأي ولا يتغيل معها حزم فأشيروا برأيكم وقولوا بما بحضوركم فأثنى من ورائكم وتوفيق الله من وراء ذلك.
قال الربيع: أيها المهدي إن تصاريف وجوه الرأي كثيرة وإن الإشارة ببعض معاريض القول يسيرة ولكن خراسان أرض بعيدة المسافة متراخية الشقة متفاوتة السبيل فإذا ارتأيت من محكم لتدبير ومبرم التقدير ولباب الأصول رأياً قد أحكمه نظرك وقلبه تدبيرك فليس وراءه ومذهب طاعن ولا دونه معلق لخصومه عائب ثم أجبت البرد به وانطوت الرسل عليه بالحري أن لا يصل إليهم محكمه إلا وقد حدث منهم ما ينقضه فما أيسر أن ترجع إليك الرسل وترد عليك الكتب بحقائق أخبارهم وشوارد آثارهم ومصادر أمورهم فتحدث رأياً غيره وتبتدع تدبيراً سواه وقد انفرجت الحلق وتحللن العقد واسترخى الحقاب وامتد الزمان ثم لعلمك موقع الآخرة كمصدر الأولى ولكن الرأي لك أيها المهدي وفقك الله أن تصرف إجالة النظر وتقليب الفكر فبما جمعتنا له واستشرتنا فيه من تدبير لحربهم والحيل في أمرهم إلى الطلب لرجل ذي دين فاضل وعقل كامل وورع واسع وليس موصوفاً بهوى في سواك ولا متهماً في أثرة عليك ولا ظنيناً على دخلة مكروهة ولا منسوباً إلى بدعة محذورة فيقدح في ملكك ويريض الأمور لغيرك ثم تستند إليه أمورهم وتفوض غليه حربهم وتأمره في عهدك ووصيتك إياه بلزوم أمرك ما لزمه الحزم وخلاف نهيك إذا خالفه الرأي عند استحالة الأمور واشتداد الأحوال التي ينقض أمر الغائب عنها ويثبت رأي الشاهد لها فإنه إذا فعل ذلك فواثب أمرهم من قريب وسقط عنه ما