العلم ومحتوم من الأمر قد أنبأت به الكتب ونبأت عليه الرسل وولي عهد عقبي بعدي أن يقود إلى خراسان البعوث ويتوجه نحوها بالجنود أما الأول فإنه يقدم إليهم رسله ويعمل فيهم حيله ثم يخرج نشطاً حنقاً عليهم يريد أن لا يدع أحداً من إخوان الفتن ودواعي البدع وفرسان الضلال إلا توطأة بحر القتل والبسه قناع القهر وقلده طوق الذل ولا أحد من الذين عملوا في قص جناح الفتنة وإخماد نار لبدعة ونصرة ولاة الحق إلا أجرى عليهم ديم فضله وداول نهله فإذا خرج مزمعاً بع مجمعاً عليه لم يسر إلا قليلاً حتى تأتيه أن قد عملت محيلة وكدحت كتبه ونفذت مكايده فهدأت نافرة القلوب وقعت طائرة الأهواء واجتمع عليه المختلفون بالرضى فيميل نظراُ لهم وبراً بهم وتعطفاً عليهم إلى عدو قد أخاف سبيلهم وقطع طريقهم ومنع حجاجهم بين اله الحرام وسلب تجارهم رزق الله الحلال وأما الآخر فإنه يوجع إليهم ثم تعتقد له الحجة عليهم بإعطاء ما يطلبون وبذل ما يسألون فإذا سمحت الفرق بقراباتها له وجنح أهل النواحي بأعناقهم نحوه فأضعت إليه الأفئدة واجتمعت له الكلمة وقدمت عليه الوفود قصد الأول ناحية نجعت بطاعتها وأفت بأزمتها عليهم بالرمة فاتقى فيهم ناحية وأنزلها ظل كرامته ولا فرقة قاصية إلا دخلت عليها بركته ووصلت إليها منفعته فأغنى فقيرها وجبر كسيرها ورفع وضيعها وزاد رفيعها ما خلا ناحيتي ناحية يغلب عليها الشقاء وتستمليهم الأهواء فتستخف بدعوته وتبطئ عن إجابته وتتثاقل عن حقه فتكون آخر من يبعث وأبطا من يوجه فيصطلي عليها موجودة ويبتغي لها علة لا يبث أن يجد بحق يلزمهم وأمر يجب عليهم فتستلحمهم الجيوش وتأكلهم السيوف ويستحر بهم القتل ويحيط بهم الأسر ويفنيهم التتبع حتى يخرب البلاد ويوتم الأولاد وناحية لا يبسط لهم أماناً ولا يقبل لهم عهداً