التي تنجذب نفسه إليه وترتاح به رغم النصائح التي كانت لقيها عليه بعض معلميه العسكريين بقولهم "إذا أردت أن تكون جندياً حقيقياً فاترك الأدب وخيال الشعراء" وبعد إتمامه الدراسة في تلك المدرسة سافر إلى الأستانة سنة ١٣١٩ هـ? والتحق بالمدرسة الحربية وكان شغفه العظيم بالرياضيات ولا يزال حياً ونامياً نمو اشتغاله بعلوم الأدب ومزاولة الخطابة وأساليبها فتولد من ذلك توقه واسترعاء نظره حب الاشتغال السياسة وخصوصاً وقد وقعت في يده كتب الوطني العظيم "نامق بك كمال" فطالعها مراراً ووقف على ما فيها وأدرك مراميها فرسخت في عقيدته الوطنية وكان ذلك في عهد المرحوم السلطان عبد الحميد الداهية العظيم، ومع ذلك تخرج من هذه المدرسة برتبة "ملازم ثان". ولما انتقل إلى مدرسة أركان الحرب بدأ يتعرف مع بعض إخوانه من الطلبة ما يكشف إدارة البلاد وسياستها من السوء والفساد. فكان أول ما فكر فيه أن يفهم زملاءه البالغ عددهم ٥٠٠٠ طالب موقف البلاد الإداري والسياسي. وقد فكروا جميعاً في تأسيس جريدة تكون لسان حالهم. وقد أخذ على عاتقه تحرير الكثير من مقالاتها وأبحاثها غي أن "اسماعيل باشا" مفتش المدارس وقف على حركتهم وسلط الجواسيس عليهم، ثم وشى بهم إلى المرحوم السلطان الغازي عبد الحميد الثاني وقال لجلالته إن ناظر المدرسة رضا باشا وهو المسؤول عن حركة الطلبة وواجب إدانته فاستدعاه جلالة السلطان فأقنعه بعدم وجود حركة سياسية، واستمر مع ورفاقه على إصدار جريدتهم حتى آخر سنتي مدرسة أركان الحرب. وبعدها خرج من المدرسة برتبة "يوزباشي" في أركان الحرب العامة، واستأجر لنفسه مكاناً خاصاً في "بك أوغلي" رغبة في استئناف العمل وعقد الاجتماعات وإصدار القرارات لصالح الوطن، ولكن لم تمض مدة وجيزة حتى عرف الجواسيس عمله وألقوا القبض عليه واعتقلوه بضعة اشهر ثم أطلق سراحه بواسطة سعي رضا باشا ناظره السابق في المدرسة وأصر على اشتغاله بالسياسة حتى نفته الحكومة إلى ولاية الشام للخدمة في الجيش، وقد أسس هناك "جمعية الحرية" واتخذ بعض التدابير لتوسيع نطاق هذه الجمعية.
فأسس لها فروعاً في بيروت ويافا والقدس وفي كل مدينة حل فيها ونزل بها. ولما