كان انتشار مبادئ الجمعية غير ممكن في تلك المدن عزم على السفر إلى "مقدونيا" حيث هناك الأرض صالحة لبذر تلك المبادئ والعمل على إنمائها وإنباتها حسناً وأطلع جمعيته على رأيه وعلى ذلك سعى أفرادها وتمكن من إصدار إذن يستطيع به السفر في بادئ الأمر إلى "أزمير" وعلى أثر ذلك أرسل رسالة خاصة إلى (شكري باشا) المعروف هناك بوطنيته الحارة وطلب منه مساعدته.
ولما شد الرحال إلى مقدونيا وركب البحر غير وجهته إلى مصر ومنها إلى بلاد اليونان ثم إلى سلانيك رغبة في إخفاء أغراضه عن أعين الجواسيس. وقد أسس في مدينة سلانيك فرعاً عاماً للجمعية، وما كادت حكومة الآستانة تتلقى تقرير الجواسيس عن أعماله وأخذت في البحث عنه حتى سافر على وجه السرعة إلى (يافا) وعلى أثر ذلك ظهرت مسألة العقبة. فاستصدرت جمعية الحرية أمراً بتعينه على الحدود المصرية. وما كاد يصل أمر البحث عنه إلى ولاية الشام حتى كان متولياً شؤون وظيفته الجديدة على حدود مصر.
وقد مكث في سوريا ثلاثة أعوام ثم طلب من الحكومة نقله إلى مقدونيا فقوبل طلبه بالقبول وعلم بعد وصوله إلى سلانيك إن جمعية الحرية غيرت اسمها باسم جمعية الاتحاد والترقي وما وافى إعلان الدستور حتى برز إلى ميادين السياسة بفضل إعلانه جميع الأحرار وقد اقترح على الجمعية انسحاب الجيش في ميادينه فقوبل بالارتياح غير أن الجمعية لم تتمكن من تنفيذه في ذلك الحين.
ولما نشبت الثورة الرجعية في الأستانة سنة ١٩٠٩: أخمدها واستتب الأمن ثم تعين بمهمة الإصلاح على ولاية طرابلس. ثم شرعت الحكومة التركية في الأنظمة الجديدة لضباط الجيش وهي تقضي بتنزيل درجاتهم ورتبهم، وألحق حسب النظام الجديد برتبة ضابط صغير "قول أغاصي" بهيئة أركان حرب في فرقة "سلانيك" فأخذ يبذل جهده في تعليم الجيش وتدريبه على الأصول الحربية الحديثة والأنظمة الجديدة.
وكان كثيراً ما يكتب من الاقتراحات النافعة والانتقادات المفيدة لإصلاح شأن الجيش فكان ذلك من الأسباب الجوهرية التي بعثت بعض القواد القدماء على حقدهم عليه وكان جزاؤه تعيينه قائداً للآلاي الثلاثين فجاء هذا التعيين على عكس غرضهم الأساسي إذا أفسح له مجالاً واسعاً لإلقاء بعض المحاضرات الفنية وشرح أساليب الخطط الحربية وتوضيح المواقف الهامة وغير ذلك مما يحتاج إليه الضباط والقواد. ثم بعد ذلك دعته حكومة الأستانة وعينته ضمن أركان الحرب العامة فيها وقام بصحبة المرحوم شوكت باشا بالحركات الحربية لإخماد الثورة في بلاد ألبانيا.