وجب بغيره إذا لم يحتج إلى معدوم، فالمعدوم الذي لم يجب بنفسه ولا بغيره يكون موجوداً بأمر معدوم، والممكن ليس به من نفسه وجود، بل لا وجود له إلا من غيره سواء قيل: إن عدمه لا يفتقر إلى علة أو قيل: إن عدمه لعدم مقتضيه، فمجموع الممكنات التي ليس فيها ما وجوده بنفسه لا تكون إلا معدومة وكل منها لا يكون موجوداً إلا إذا كان وجوده بغيره سواء سمي هو معلولاً لغيره أو مفعولاً لغيره كيف تكون موجودة بغيرها؟
ونكتة هذا الجواب أن لفظ الممكن يراد به الممكن بالإمكان الذي توصف به الممكنات المفتقرة إلى مقتض مباين، فيلزم أن لا يكون لها ولا لشيء منها وجود بوجه من الوجوه إلا من المباين.
وأما الإمكان الذي وصف به مجموع الموجودات، فمعناه أن ذلك المجموع لم يجب إلا بوجوب ما هو داخل فيه، فبعض ذلك المجموع واجب بنفسه، فلا يكون ذلك المجموع مفتقراً إلى مباين له.
[الوجه الثالث]
ويتضح هذا بالوجه الثالث: وهو أنا نقول ابتداء: كل موجود فإما أن يكون وجوده بامر مباين له، وإما أن لا يكون وجوده بأمر مباين له، وكل ما كان وجوده بامر مباين له لا يكون موجوداً إلا بوجود ما