سبعين ونحوهما جمعوا بين المسلكين، فصاروا يجعلون كمال النفس هو العلم بالوجود المطلق، إن الله هو الوجود المطلق، فأخذوا من طريقة الصوفية: أنه العلم بالله، واخذوا من كلام هؤلاء: أنه العلم بالوجود المطلق، وجمعوا بينهما فقالوا: إن الله هو الوجود المطلق
[الوجه الثالث]
وأما المقدمة الثالثة: فزعمهم أنهم حصل لهم العلم بالوجود.
وهذا باطل، فغن كلامهم في الإلهيات مع قلته فالضلال أغلب عليه من الهدى ن والجهل أكثر فيه من العلم، وهي العلوم التي تبقى معلوماتها وتكمل النفوس بها عندهم.
وهذه الأمور مبسوطة في غيرهذا الموضع، ولكن نبهنا عليه هنا، لأن مثل هذا الآمدي وأمثاله الذين عضموا طريقهم وصدروا كتبهم التي صنفوها في أصول دين الإسلام بزعمهم بما هو أصل هؤلاء الجهال: من أن كمال النفس الإنسانية بحصول ما لها من الكمالات، وهي الإحاطة بالمعقولات والعلم بالمجهولات، وسلكوا طرقهم وقعوا في الجهل والحيرة والشك بما لا تحصل النجاة إلا به، ولا تنال السعادة إلا بمعرفته، فضلاً عن نيل الكمال الذي هو فوق ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كمل من الرجال كثير» فالكاملون من الرجال