الفلاسفة الدهرية القائلين بان حركات الأفلاك تصدر عن قديم أزلي لا يحدث منه شيء وإن قولهم أفسد من قول المعتزلة ونحوهم من أهل الكلام، فغن هؤلاء الفلاسفة استدلوا على قدم العالم بحجتهم العظمى، وهو انه لو حدث بعد أن لم يكن لاحتاج إلى سبب حادث والقول في ذلك السبب كالقول فيه فيلزم التسلسل او الترجيح بلا مرجح.
فيقال لهم: أنتم تقولون بحدوث الحوادث شيئاً بعد شيء عن فاعل قائم بنفسه لا تقوم به صفة ولا فعل ولا يحدث له فعل ولا غير فعل.
فقولكم بصدور الحوادث المختلفة الدائمة عمن لا فعل له ولا صفة ولا يحدث منه شيء أعظم فساداً من قول من يقول إنه تارة تصدر عنه الحوادث وتارة تصدر فإنه إن كان صدور الحوادث عنه من غير حدوث شيء فيه محالاً فصدورها دائماً عنه من غير حدوث شيء فيه أشد إحالة.
[الوجه التاسع]
إن يقال: أفعال الله تعالى: إما أن يكون لها حكمة هي غايتها المطلوبة، وإما أن لا يكون والناس في هذا المقام مشهوران أحدهما قول من لا يثبت إلا المشيئة والثاني قول من يثبت حكمه قائمة بالمخلوق، أو حكمه قائمة بالخالق. والأقول الثلاثة معروفة في الطوائف من أصحاب أحمد وغيرهم