وثانيها: أن يحصل فيه أحد الموضعين دون الآخر، فيكون مانعاً من الشركة، ولكنه لا يتوقف على الوجود الخارجي، وهو التخيل.
فإني إذا شاهدت زيداً ثم غاب، فإني أتخيله على ما هو عليه من الشخصية، فنفس ما تخيلته يمنع من الشركة، وأما هذا الإدراك فإنه لا يتوقف على وجود المدرك في الخارج، فإني يمكنني أن أتخيله بعد عدمه.
وثالثهما: أن يخلو عن الموضعين جميعاً، فلا يكون مانعاً من الشركة، ولا موقوفاً على وجود المدرك في الخارج، وهو المسمى بالإدراك العقلي) .
[تعليق ابن تيمية عود لمناقشة ابن سينا]
قلت: فقد بينوا أن الإدراك العقلي هو ما لا يمنع الشركة، ولا يشترط فيه وجود المدرك من خارج.
ومعلوم أن هذا هو إدراك الكليات الثابتة في العقل.
وإذا كان كذلك، فقوله:(وهو عندما يكون محسوساً تكون غشيته غواش غريبة عن ماهيته، لو أزيلت عنه لم تؤثر في كنه ماهيته) كلام يستلزم أن يكون في الخارج شيئان: أحدهما: ماهية مجردة عن المحسوسات، والثاني: محسوسات غشيت تلك الماهية المجردة المعقولة الثابتة في الخارج، وهذا باطل يعلم بطلانه بالضرورة من تصور ما يقول.