بصحيح لم يكن مؤمناً به، فامتنع أن يصح الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الشرط.
[الوجه الثالث]
أن تلك الطرق إذا أمكن العلم بصدق الرسول بدونها، لم يكن العلم بالشرع محتاجاً إليها، وحينئذ فإذا عارضت الشرع كان المعارض له دليلاً أجنبياً، كما لو عارضه من كذبه واحتج على أنه كاذب.
ولا ريب أن هذا من باب المعارضة للرسول فيما جاء به.
كمعارضة المكذبين للرسل، وحينئذ فيكون جوابه بما يجاب به أمثاله من الكفار الملحدين الطاعنين فيما جاء به الرسول أو في بعضه، لا يكون جوابه ما يجاب به المؤمنون بالرسول الذي يقرون أنه لا يقول على الله إلا الحق.
[الوجه الرابع]
أنا لا نسلم صحة شيء من تلك الطرق، حتى تكون دليلا يصلح أن يعارض به شيء من الأدلة: لا العلمية ولا الظنية ولا العقلية ولا غيرها، فضلا عن أن يعارض بها كلام المعصوم الذي لا يقول إلا حقاً، وبيان فساد تلك الوجوه العقلية النافية للصفات والأفعال، أو بعض ذلك، مذكور بتفصيله في غير هذا الموضع.
[الوجه الخامس]
أن يقال: لا ريب أن النصوص دلت على إثبات الصفات والأفعال لله تعالى، ولم تتعرض للجسم بنفي ولا إثبات، والنفاة إنما ينفون ما ينفونه بناءً على أن الإثبات يستلزم كون الموصوف جسماً، والعقل ينفي أن يكون جسما، وأدلتهم على نفي الجسم إما دليل الإمكان، وإما دليل الحدوث، فليس لهم ما يخرج عن هذا.