للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتناهى معوزاً للواحد كالمعلوم فساده بالضرورة، بل يمكن أن يقال: ما لا يتناهى لا يمكن أن يكون لا شفعاً ولاوتراً، لأن الشفع والوتر نوعا جنس العدد المحصور الذي له طرفان: مبدأ، ومنتهى.

فأما إذا قدر ما لا مبدأ ولا منتهى له فليس عدداً محصوراً، فلا يكون شفعاً ولا وتراً، كما يقولوه المسلمون وغيرهم من أهل الملل فيما يحدثه الله تعالى في المستقبل من نعيم الجنة: إنه لا شفع ولا وتر.

وهذا أيضاً قول الفلاسفة الطبيعية والإلهية: إن ما لا نهاية له لا يكون شفعاً ولا وتراً، وذلك أن ما لا نهاية له ليس طرفان.

والشفع: ما يقبل الانقسام بقسمين متساويين، وهذا إنما يعقل فيما له طرفان منتهيان، وإذا لم يمكن أن يكون شفعاً لم يمكن أن يكون وتراً.

وأما عقود الحساب فالمقدر منها في الذهن محصور متناه، وما لا يتناهى لا تقدره الأذهان، بل كل مايضعفه الذهن من عقود الحساب فهو متناه، والمراتب في نفسها متناهية، ولكن إحدى المرتبتين لو وجدت أفرادها في الخارج لكانت أكثر من الأولى، وليس ذلك تفاوتاً في أمور موجودة، ولا في الأذهان ولا في الأعيان.

[الثالث]

قال أبو الحسن الآمدي: (الطريق الثالث: أنه لو وجد أعداد لا نهاية لها.

فكل واحد منها محصور بالوجود، فالجملة محصورة بالوجود، وما لا يتناهى لا ينحصر بحاصر) .

<<  <  ج: ص:  >  >>