قال:(وقد أومأ أحمد إلى هذا في رواية علي بن سعيد، وقد سأله عن كل مولود يولد على الفطرة، فقال: على الشقاوة والسعادة.
وكذلك نقل محمد بن يحيى الكحال، أنه سأله عن كل مولود يولد على الفطرة، قال: هي التي فطر الناس عليها: شقي أو سعيد.
وكذلك نقل حنبل عنه، قال: الفطرة التي فطر الله العباد من الشقاء والسعادة) .
قال:(وهذا كله يدل من كلامه على أن المراد بالفطرة ها هنا: ابتداء خلقه في بطن أمه) .
[تعليق ابن تيمية]
قلت: أحمد لم يذكر العهد الأول، وإنما قال: الفطرة الأولى التي فطر الناس عليها، وهي الدين.
وقد قال في غير هذا موضع: إن الكافر إذا مات أبواه أو أحدهما، حكم بإسلامه.
واستدل بهذا الحديث: كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه.
فدل على أنه فسر الحديث: بأنه يولد على فطرة الإسلام، كما جاء ذلك مصرحاً به في الحديث: ولو لم يكن كذلك لما صح استدلاله بالحديث.
وقوله في موضع آخر: يولد على مافطر عليه من شقاوة وسعادة لا ينافي ذلك، فإن الله تعالى قدر الشقاوة والسعادة وكتبها، وقدر أنها تكون بالأسباب التي تحصل بها، كفعل الأبوين.
فتهويد الأبوين وتنصيرهما وتمجيسهما هو مما قدره الله تعالى.
والمولود ولد على الفطرة سليماً، وولد على أن هذه الفطرة السليمة