للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يخلق كذا، كان هذا ممتنعاً، لأنه منع وجود الخالق بالكلية، حتى يوجد تمام كونه مؤثراً، وتمام كونه مؤثراً موقوف على تمام آخر، فيلزم ألا يوجد تمام كونه خالقاً، فيلزم ألا يخلق شيئاً قط.

فإذا علم أنه لا يخلق شيئاً إلا بكن فلو كان كن مخلوقاً بكن أخرى وهلم جراً، كان كل واحدة من ذلك بها يصير خالقاً، ولم يوجد شيء من ذلك، فيمتنع أن يصير خالقاً.

وهذا بخلاف ما إذا قيل: يخلق هذا بكن، وهذا قبله أو بعده بكن وهلم جراً، فإن هذا يقتضي أنه لا يوجد الثاني إلا بعد وجود الأول.

والتوقف ها هنا على الشرط، هو فعله لهذا المعين، لا أصل الفعل، فلهذا كان في هذا نزاع مشهور، بخلاف الأول.

ومعلوم أن الأدلة العقلية لا تدل على قدم شيء من العالم، وإنما غايتها أن تدل على دوام الفاعلية، وامتناع كونه فاعلاً بعد أن لم يكن.

فإذا قالوا: التسلسل باطل، فإن عنوا به تسلسل الآثار، ووجود شيء بعد شيء فهذا خلاف قولهم، ولم يقيموا دليلاً على بطلانه.

وإن أرادوا به التسلسل الخاص، وهو التسلسل في تمام كون الفاعل فاعلاً، فهذا مسلم أنه ممتنع، لكن امتناع لا يدل على فعله لشيء معين، بل على أصل الفعل، وهذا لا ينفعهم بل يضرهم.

[الوجه الثاني]

أن يقال: أما التسلسل في أصل الفاعلية فلا ينفعهم.

وإنما فيه إبطال قول الجهمية والقدرية.

وأما التسلسل في الأفعال المعينة، فإن كان جائزاً لم يصح احتجاجهم به، بل تبطل الحجة، وإن كان ممتنعاً

<<  <  ج: ص:  >  >>