وقد تكلم في ذلك السهروردي المقتول صاحب التلويحات وحكمة الإشراق وغيرهما، مع تألهه على طريقتهم، ومع أنه في حكمة الإشراق سلك طريقاً لم يقلد فيها المشائين، بل بين فساد أقوالهم فيها في مواضع، وكان كلامه في مواضع متعددة خيراً من كلامهم، وإن كانت سمة الإلحاد تتناولهم كلهم.
فالمقصود بيان الحق، وإذا كان بعضهم ينازع بعضاً ويرد عليه، وكان أحدهما أقرب إلى الحق في ذلك الموضع من الآخر، كان بيان رد بعضهم على بعض بما قاله من الباطل مما يؤيد الله به الحق.
فرد عليهم دعواهم أن العقول عشرة.
وهؤلاء المتأخرون يقولون: إنها الملائكة بلسان أهل الملل، ويسميها صاحب حكمة الإشراق الأنوار، ويقول: إن قدماء الفلاسفة وفلاسفة الفرس والهند يقولون: هي كثيرة أكثر مما أثبته المشاؤون، مع أنا قد بينا في غير هذا الموضع أن ما أثبته المشاؤون من العقول لا حقيقة له في الخارج البتة، وإنما الحق ما أثبته الله ورسوله من الملائكة التي أخبرت بها الأنبياء، ودلت عليها الدلائل العقلية.