بهم إلى الجهل العظيم، وإلى العجز عن الاستدلال على ما هو أعظم الأشياء ثبوتاً ووجوداً، وأكثرها وأقواها أدلة، وأولاها بالعلم من كل معلوم، وأحقها بأن يكون مستقراً في الفطرة، دائم الحصول في القلوب، حاصلاً بأكمل الأسباب التي يمكن بها حصول العلم.
والمقصود هنا الكلام على الطريقة التي ذكرها أبو الحسن، وأنها أقرب وأصح من الطريقة التي سلكها من سلكها من المعتزلة ومن وافقهم، كـ القاضي أبي بكر وأمثاله، وأنها طريقة صحيحة لم ينازع فيها طائفة مشهورة، إذا اكتفي فيها بحدوث ما يعلم حدوثه كالإنسان والنبات وغيرهما من الحوادث.
وأما إذا احتيج فيها إلى إثبات حدوث الأجسام كلها بطريقة الأعراض، أو قيل: إن حدوث الإنسان ونحوه لا يثبت إلا بمثل تلك الطريق، كان المنازع في صحة هذه الطريق جمهور العقلاء من أهل الملل والفلاسفة، وكان هذا من الكلام الذي ذمه السلف والائمة.
فالمخالفون للطرق الفطرية العقلية الشرعية، القريبة الصحيحة، كلما أبعدوا عنها مدحوا من يوافقهم في البعد، ولهذا عكس هؤلاء الكلام على المقدمتين، فأخذوا يوافقون أبا الحسن على المقدمة المبتدعة الباطلة، ويذمونه أو يعتذرون عنه على المقدمة البديهة الصحيحة الشرعية.
[تابع كلام الأشعري في اللمع]
قال أبو الحسن: (فإن قال قائل: ما أنكرتم من أن تكون النطفة