وأما من قبل ابن سينا من الفلاسفة فلا يخصونه بواجب الوجود، إذ كل قديم فهو عندهم واجب الوجود، فلا يخصه بواجب الوجود إلا من يقول: لا قديم إلا هو، وليس هذا قول أرسطو وأتباعه، وإن كان هو مذهب جماهير العقلاء من أهل الملل وغيرهم.
[كلام أرسطو وأتباعه]
وكلام أرسطو وأتباعه باطل من وجوه:
(الوجه الأول)
أن هؤلاء لم يجعلوا الأول فاعلاً للحركة الفلكية، إلا من حيث هو محبوب معشوق يتشبه به الفلك، لا من حيث هو مبدع محدث للحركة.
ومعلوم أن المحبوب المتحرك إليه من غيره بالمحبة له والشوق، لا سيما إذا كان محباً للتشبيه به لا لذاته، كما يتشبه المأموم بإمامه، لا يكون هو المبدع المحدث للحركة بمجرد ذلك، وإنما يكون علة غائية، لا علة فاعلية، فلم يثبتوا الواجب الوجود بنفسه فاعلاً لشيء من الحوادث، كما قد بسط في موضعه.
وأرسطو وأتباعه معترفون بأن الأول عندهم لا يفعل شيئاً ولا يعلم شيئاً، ولا يريد شيئاً.
[الوجه الثاني]
أنه بتقدير أن يثبتوه محدثاً مبدعاً للحركة التي لا قوام