فإذا كان هؤلاء من أجهل الناس وأكفرهم، فمن جعل أئمة الملاحدة الباطنية أفضل من محمد وإبراهيم وموسى وعيسى، كان أكثر من هؤلاء.
وهؤلاء الملاحدة ركبوا مذهباً من دين المجوس ودين الصابئين ودين رافضة هذه الأمة، فطافوا على أبواب المذاهب، وفازوا بأخس المطالب، فإنهم يبطنون من مناقضة الرسل وإبطال ما جاءوا به، ما لم يبطنه أتباع بولص وأمثاله من النصارى.
ومن لم يصل إلى هذا الحد من ملاحدة المتكلمين والمتعبدين ونحوهم، فقد شاركهم في الأصل وهو تفضيل أئمته وشيوخه على الأنبياء، ومن لم يقر منهم بتفضيل أئمته وشيوخه على الأنبياء لزمه ذلك لزماً لا محيد عنه، كما تقدم إذا جعل العلم بالله وملائكته وكتبه ورسله والمعاد لا يستفاد من خطاب الأنبياء وكلامهم، وبيانهم وطريقهم التي بينوها.
وإنما يستفاد من كلام شيوخه وأئمته.
[الوجه التاسع والثلاثون]
أن يقال: إن الرسل لم يسكتوا عن الكلام في هذا الباب، ولو سكتوا عنه للزم تفضيل شيوخ النفاة وأئمتهم على الأنبياء كما تقدم، فكيف إذا تكلموا فيه بما يفهم منه الخلق نقيض الحق على قول النفاة،