للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محبوباً، ولم يقيموا حجة على ذلك، ولا على أنه محبوب لنفسه، فكان ما وصفوه به غاية النقص، بل العدم.

[بقية كلام ثابت بن قرة ورد ابن تيمية عليه]

قال ثابت: فليس يوجد إذن أمر يجتذب هذه الذات بالطبع وبغير إرادة، وليس يوجد إذن أمر يدعو هذه الذات إلى حال أو شأن ليس هي المبدأ الأول له والعلة فيه.

فيقال لهم: أولاً: لم تقيموا دليلاً على شيء من ذلك.

فإنكم لم تجعلوها فاعلاً لشيء ولا مؤثراً فيه أصلاً، فليست مبدأً لشيء من الأشياء ولا علة له، إلا من كونها محبوبة فقط، وليس في هذه الجهة أنها تحدث شيئاً، ولا أنها تبدع شيئاً.

وإذا كان كذلك فما المانع أن يكون غيرها جاذباً لها وداعياً لها إلى شيء؟ وما المانع أن تكون هي محبة لغيرها؟ وأنتم لم تذكروا على امتناع ذلك حجة أصلاً.

والمسلمون، وغيرهم من أهل الملل، إذا نزهوا الله عن الحاجة إلى غيره، فهم يثبتون أنه رب غيره ومليكه وخالقه.

وأنتم لم تثبتوا أنه رب كل ما سواه ومليكه وخالقه.

وحينئذ فلا دليل لكم على انتفاء الحاجة عنه، لا سيما مع أنه يلزمكم أن تجعلوا العالم واجب الوجود بنفسه مع فقره إليه، فيكون الواجب بنفسه فقيراً إلى غيره، أو تجعلوه ممكناً لا بد له من فاعل، فيكون الأول مبدعاً فاعلاً لغيره، والفاعل، كما ذكروه، يستلزم أن يكون له فعل وإرادة، وهذا نقيض قولهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>