أن يقال: إذا قدر تقوم الموصوف بصفته، فهو متقوم بنفس علمه بالأشياء، أو بنفس الأشياء المعلومة.
والثاني باطل وهو إنما ذكر الثاني حيث قال: فذاته متقومة بما يعقل.
وهذا باطل، فإنا إذا قدرنا العالم متقوماً بعلمه، فليس المقوم له المعلوم، إنما المقوم له علمه بالمعلوم، والمعلوم قد يكون منفصلاً عنه، فلا يكون قائماً به، فضلاً عن كونه لازماً له: لا ذاتياً ولا عرضياً، فكيف يكون مقوماً له؟.
وإن قال قائل: يعني بالتقوم أنه لولا المعلوم لما كان العلم.
قيل له: هذا ليس مراده، ولو كان مراده لكان باطلاً، لأنه على هذا التقدير لا يكون العلم إلا مقوماً، فلا يقال: إما أن يكون مقوماً، وإما أن يكون عارضاً.
وهو قد جعل هذا أحد القسمين.
وأيضاً فإنه على هذا التقدير يكون هذا سؤال الاستكمال بالمعلوم الذي ذكره أرسطو، وقد عرف جوابه من عدة أوجه.
أحدها: أن ذلك الغير هو مفعوله، فلم يحتج إلى غيره بوجه من الوجوه.
الثاني: أنه لو قدر وجود موجود مستغن عنه، كان أن يعلمه أكمل من أن لا يعلمه، فإن العلم صفة كمال، والملك والبشر إذا علموا ما هو مستغن عنهم، كان أكمل لهم من أن لا يعلموه.