بإثبات الفاعل، ولا تقتضي كون الفاعل ليس بجسم، وكذلك طريقة العلم لا تقتضي ذلك، بخلاف الطرق الثلاثة المتقدمة.
وإذا تبين ذلك فيقول القائل: إذا علمنا بإثبات الصانع بهذه الطريق التي اعترفتم بأنه يمكن العلم بإثبات الصانع وصدق رسله بها، وليس فيها ما يقتضي أن الفاعل ليس بجسم، لم يكن في الأدلة الشرعية المثبتة لصفات الله تعالى وأفعاله ما يناقض هذه الطريق، لأن غاية ما يقوله النفاة أن إثبات الأفعال والصفات، أو بعض ذلك، يقتضي كون الموصوف الفاعل جسماً، وإثبات الصانع مبني على الدليل النافي لكونه جسماً، فلو قلنا بموجب النصوص تقديماً لها على الدليل العقلي النافي للجسم، لكنا قد قدمنا الشرع على أصله العقلي.
فإذا كان قد تبين أن إثبات الشرع المبني على إثبات الصانع وصدق الرسول لا يتوقف على نفي الجسم، علم بالضرورة أن الشرع المثبت للصفات والأفعال لا ينافي الدليل العقلي الذي به عرف إثبات ذلك، فبطل قول من يدعي أنه قد يتعارض الدليل الشرعي المثبت لذلك وأصله العقلي النافي لذلك، وهذا بين واضح ولله الحمد.
[اعتراض: إن عارضت الدليل العقلي الذي يعرف صحة الشرع]
فإن قالوا: هب أن هذا الدليل العقلي الذي به يعرف صحة الشرع لا يعارضه الدليل الشرعي المثبت للصفات والأفعال، لكن غيره من الأدلة العقلية ينافي ذلك- كان الجواب عنه من وجوه: