شيء؟ والذين فرقوا قالوا: ذاته لا تضاف إلى ذاته، وهذا الفرق منتف فيما سواهما.
قالوا: ليس بينه وبين ذاته واسطة أقرب من ذاته إلى ذاته وهذا منتف فيما سوى ذاته.
وقالوا: العلم هو العالم وليس هو المعلوم، فعلمه بذاته هو نفس ذاته، بخلاف علمه بغيره.
وبالجملة فهم قد ذكروا فروقاً، إن كانت صحيحة بطل الجمع، وإن كانت باطلة منع الحكم في الأصل.
أما كون الحكم في الأصل يوجد مسلماً، مع قياس العلم بما سواه على العلم بنفسه، في أن كل عالم بمعلوم هو نفس المعلوم، وليس هناك علم زائد على المعلوم- فهذا مردود بصريح العقل، ومجرد تصوره التام كاف في العلم بفساده.
[الوجه الثالث]
أن يقال: قوله: فلا يحتاج في إدراك ما يصدر عن ذاته بذاته، إلى صورة غير صورة ذلك الصادر، التي بها هو هو قضية معلومة الفساد بالضرورة، فإن الإنسان يجد من نفسه أنه إذا أراد أن تصدر عنه صورة خارجية، من قول أو فعل، فإنه يتصور في ذهنه ما يريد أن يظهره قبل أن يظهره، ويميز بين الصورة التي في ذهنه، وبين ما يظهره بقوله وفعله.