للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحصل له ريب فيما جاء به الرسول، ومن جوز أن يكون فيما أخبر به ما يعارضه صريح المعقول لم يزل في ريب من ثبوت ما أخبر به، ولكن غايته أن يعلم أن الرسول صادق فيما أخبر به على طريق الجملة، فإذا نظر فيما أخبر به لم يعلم ثبوت شيء مما أخبر به.

ومن المعلوم أن العلم بأنه صادق، مقصوده تصديق أخباره، والمقصود بتصديق الأخبار التصديق بمضمونها، فإذا كان لم يصدق بمضمون أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، كان بمنزلة من آمن بالوسيلة، ولم يحصل له المقصود.

ولو قال الحاكم: إن هؤلاء الشهود صادقون في كل ما يشهدون به، وهو لا يثبت بشهادة أحد منهم حقاً، لم يكن في تعديلهم فائدة، ومن تدبر هذا الباب علم حقيقته، والله أعلم.

[الوجه الثالث والثلاثون]

أن يقال: نحن نعلم بالاضطرار من دين الرسول أنه أوجب على الخلق تصديقه فيما أخبر به، وقطعهم بثبوت ما أخبرهم به، وأنه من لم يكن كذلك لم يكن مؤمناً به، بل إذا أقر أنه رسول الله، وأنه صادق فيما أخبر، ولم يقر بما أخبر به من أنباء الغيب-لجواز أن يكون ذلك متيقناً في نفس الأمر بدليل لم يعلمه المستمع، ولا يمكن إثبات ما أثبته الرسول بخبره إلا بعد العلم بذلك-فإن هذا ليس مؤمناً بالرسول.

<<  <  ج: ص:  >  >>