ومنهم من قال: خمسة أشياء واجبة لذواتها: الباري، والنفس، والهيولى، والدهر، والخلاء.
قال: وفساد هذه الأقاويل وأشباهها إنما يظهر بالأدلة المذكورة على أن واجب الوجود يستحيل أن يكون أكثر من واحد.
[تعليق ابن تيمية]
قلت: فقد تداخلت المقالتان في كلامه، كما تداخل في كلام الآخر، وذلك أن من قال: الأجسام أو الهيولى التي هي محل الجسمية واجبة لذاتها وصفاتها ممكنة، فهو من جنس من قال بخمسة أشياء واجبة، إذ كلاهما يقول: إن الباري أحدث التأليف والصنعة، بخلاف من قال بإلهين: الخير والشر: فإنه يقول: كلاهما فاعل، وليس في هذه الأقوال قول من يجعل وجوب الوجود لعدة أشياء، وجعل ما سواها مفعولاً لها، كما يقوله القائلون بالأصلين: النور والظلمة من المجوس.
لكن القائلون بقدم النفس يقولون: إنها أحبت الهيولى، ولم يمكن تخليصها منها إلا بإحداث العالم.
والقائلون بقدم المادة فقط لا يقولون بذلك.
والقائلون بقدم الهيولى أو بعض الأجسام أو نحو ذلك، لا يلزمهم أن يقولوا: إنها واجبة الوجود بنفسها، بل قد يقولون: إنها مبدعة مفعولة للواجب بنفسه.
وهذا المشهور عن قدماء الفلاسفة.
والرازي قد ذكر في شرح الإشارات من كتبه: أن هؤلاء يقولون إن الباري هو الواجب بذاته، وأن النفس وغيرها معلولة له.