للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولفظ الافتقار هنا: إن أريد به افتقار المعلول إلى علته كان باطلا، وإن أريد به أفتقار المشروط إلى شرطه ـ فهذا هو تلازم من الجانبين، وليس ذلك ممتنعا، والواجب بنفسه يمتنع أن يكون مفتقراً إلى ما هو خارج عن نفسه، فأما ما كان صفة لازمة لذاته وهو داخل في مسمى أسمه، فقول القائل: إنه مفتقر إليها كقوله: إنه مفتقر إلى نفسه.

فإن القائل إذا قال: دعوت الله أو عبدت الله كان اسم الله متناولا للذات المتصفة بصفاتها، ليس أسم الله أسما للذات مجردة عن صفاتها اللازمة لها.

[مذهب النفاة في الصفات والرد عليه]

وحقيقة ذلك أنه لا تكون نفسه إلا بنفسه، ولا تكون ذاته إلا بصفاته، ولا تكون نفسه إلا بما هو داخل في مسمى أسمها، وهذا نحق، ولكن قول القائل إن هذا افتقار إلى غيره تلبيس، فإن ذلك يشعر أنه مفتقر إلى ما هو منفصل عنه، وهذا باطل، لأنه قد تقدم أن لفظ الغير يراد به ما كان مفارقاً له بوجود أو زمان أو مكان ويراد يه ما أمكن العلم به دونه والصفة لا تسمى غيرا له بهذا المعنى، وأما بالمعنى الثاني فلا يمتنع أن يكون وجوده مشروطا بصفات، وأن يكون مستلزما لصفات، وإن سميت تلك الصفات غيراً فليس في إطلاق اللفظ ما يمنع صحة المعاني العقلية، سواء جاز إطلاق اللفظ أو لم يجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>