ثم من أعظم الضلال والجهل أن ينفي النافي علم رب العالمين.
بمخلوقه، لكون ذلك يستلزم ما يسمونه تغيراً وحلول حوادث.
ثم نفي هذا المعنى لم يذهب إليه أحد من سلف الأمة ولا أئمتها، وإنما يوافقهم عليه الجهمية.
ومن تلقاه عن الجهمية من الكلابية ونحوهم، فلا يقر بنفي ذلك إلا من هو من أهل الكلام المبتدع المذموم المحدث في الإسلام، ومن تلقاه عنهم جهلاً بحقيقته ولوازمه.
وإذا كان علم الرب مستلزماً لهذا، كان هذا من أعظم البراهين على ثبوته، وخطأ من نفاه شرعاً وعقلاً، فإنه قد علم بالاضطرار من دين الرسول إثبات العلم بكل شيء من الأعيان.
فإذا تبين بصريح العقل أن ذلك يستلزم قيام هذه المعاني بالرب، لزم القول بذلك، كيف والقرآن قد دل على أنه يعلم الشيء بعد كونه، مع علمه بأن سيكون، في بعض عشرة آية، وقد ثبت بالدلائل اليقينية أنه يعلم كل ما فعله، وأنه بكل شيء عليم.
وهو مقتضى حجتهم.
وأما زعمهم مع هذا أنه يعلم الكسوف، وجميع صفاته وعوارضه.
فيقال لهم: إن كان لا يعلم إلا كسوفاً كلياً، لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، فهو لم يعلم شيئاً من الكسوفات الموجودة.
وإن علم الكسوف الموجود، فكل منها جزئي فلا يتصور أن يعلم الكسوف، إلا مع علمه بالكسوفات الجزئية.
[كلام ابن سينا باطل من وجوه. الوجه الأول]
كلام ابن سينا باطل من وجوه.
الوجه الأول
وهذا الذي قاله باطل من وجوه: من جهة دعواه أنه مع علمه بالعلة التامة لوجود كل موجود، لا يعلم شيئاً من المعلولات الحادثة،