الكلام مروي عن مالك بن أنس صاحب ربيعة من وجوه متعددة، يقول في بعضها: الاستواء معلوم.
وفي بعضها: غير مجهول، وفي بعضها: استواؤه غير مجهول، فيثبت العلم بالاستواء وينفي العلم بالكيفية.
[كلام آخر لبعض الأئمة]
وروى ابن أبي حاتم، عن هشام بن عبيد الله الرازي أنه حبس رجلاً في التجهم فتاب، فجيء به إلى هشام ليمتحنه، فقال له: أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه؟ قال: لا أدري ما بائن من خلقه.
قال ردوه إلى الحبس فإنه لم يتب بعد.
وروى أيضاً عن عبد الله بن أبي جعفر الرازي أنه جعل يضرب قرابةً له بالنعل على رأسه يرى رأي جهم، ويقول: لا حتى يقول: الرحمن على العرش استوى، بائن من خلقه.
وعن جرير بن عبد الحميد الرازي أنه قال: كلام الجهمية أوله عسل وآخره سم، وإنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء إله.
وجميع الطوائف تنكر هذا، إلا من تلقى ذلك عن الجهمية، كالمعتزلة ونحوهم من الفلاسفة، فأما العامة من جميع الأمم فلا يستريب اثنان في أن فطرهم مقرة بأن الله فوق العالم، وأنهم إذا قيل لهم: لا هو داخل العالم ولا خارجه، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا يقرب إليه شيء، ولا يقرب هو من شيء، ولا يحجب العباد عنه شيء، ولا ترفع إليه الأيدي، ولا تتوجه القلوب إليه طالبة له في العلو، فإن فطرهم تنكر ذلك، وإذا أنكروا هذا في هذه القضية