أنه فيها كاذب، لأن أكثر العامة من حاضرة وبادية لايدري ما معنى الاستدلال، فكيف يستعمله؟) .
[تعليق ابن تيمية]
قلت: لفظ الاستدلال فيه إجمال، فإن أريد العبارة عن نظم الأدلة والجواب عن الممانعات والمعارضات، فهذا قد يقال: إنه لا يحسنه إلا من يحسن الجدل.
وأما الاصطلاح المعين، والترتيب المعين، أو اللفظ المعين، فهذا بمنزلة اللغات، لا يعرفه إلا من يعرف تلك اللغة، وليس هذا واجباً بلا ريب.
وإن أريد به نفس طلب العلم بالشيء بالدليل والنظر فيما يدل على الشيء، فهذا مركوز في فطرة جميع الناس، فإنه مامنهم من أحد إلا وعنده من نوع النظر والاستدلال، بل ومن الجدال، بحسب ما هداه الله إليه من ذلك.
وقد قال تعالى:{وكان الإنسان أكثر شيء جدلا} والإنسان يجادل بالباطل ليدحض به الحق، من غير معرفة بقوانين الجدل، فكيف لا يجادل بالحق؟.
وللناس من النظر والمناظرة في صناعتهم وأمور دنياهم، ما يبين أن النظر والمناظرة مركوز في فطرهم، فكيف في أمور الدين؟
والله سبحانه يقول:{الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى} وقال تعالى: {قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} .