أبو البركات وغيره من الفلاسفة يختارون قيام الحوادث به كإرادات وعلوم متعاقبة، وقد ذكروا ذلك وما هو أبلغ منه عن متقدمي الفلاسفة، كما ذكرت أقوالهم في غير هذا الموضع، وتقدم بعضها.
والمقصود هنا أن جميع ما احتج به النفاة قدح فيه بعض النفاة قدحاً يبين بطلانه، كما بين غير واحد فساد طرق الفلاسفة.
[كلام الغزالي في تهافت الفلاسفة في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أن الأول ليس بجسم]
قال أبو حامد مسالة في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أن الأول ليس بجسم فنقول هذا إنما يستقيم لمن يرى أن الجسم حادث، من حيث إنه لا يخلو عن الحوادث، وكل حادث فيفتقر إلى محدث فأما أنتم إذا عقلتم جسماً قديماً لا أول لوجوده، مع أنه لا يخلو عن الحوادث فلم يمتنع أن يكون الأول جسماً إما الشمس وإما الفلك الأقصى وإما غيره فإن قيل لأن الجسم لا يكون إلا مركباً منقسماً إلى جزأين بالكمية وإلى الهيولى والصورة بالقسمة المعنوية وإلى أوصاف يختص بها لا محالة حتى يباين سائر