منفكاً عن الآخر، لم يدل ذلك على أنهما شيء واحد في نفس الأمر.
وكذلك الصفات العامة والخاصة في الموصوف الواحد، مثل كون الإنسان حيواناً وناطقاً، وكون الجسم جسماً ونباتاً، وكون اللون سواداً وبياضاً، وإن لم يتميز هذا من هذا ببعض أنواع الإدراك، فإنه يتميز بنوع آخر.
[الوجه الرابع عشر]
قوله: وحكمت بأن عقله لذاته علة لعقله لمعلوله الأول، فإذا حكمت بكون العلتين: أعني ذاته وعقله لذاته، شيئاً واحداً في الوجود من غير تغاير، فاحكم بكون المعلولين شيئاً واحداً.
فيقال: أما كون ذاته علة، فمعناه أنها مبدعة فاعلة لمفعولها.
وأما كون عقله لذاته علة لعقله، فليس معناه أن عقل ذاته أبدع عقل مفعوله، بل معناه أن عقله لذاته مستلزم لعقله لمفعوله، فإن كونه فاعلاً له من لوازم ذاته، والعلم التام بالملزوم يقتضي العلم بلوازمه، فكونه هنا علة بمعنى كونه ملزوماً، وهناك بمعنى كونه فاعلاً.
ولفظ العلة فيه اشتراك كثير بحسب اصطلاحات الناس، ينبغي لمن خاطب به أن يعرف مقصود المخاطب به.