وهب انه لولا السبب الموجب لها لعدمت لكن هذا تقدير ممتنع فإن السبب واجب الوجود بذاته وهي من لوازمه ولازم الواجب بذاته يمتنع عدمه لأن عدم اللازم يوجب عدم الملزوم فلو عدم لازم الواجب لعدم الواجب وعدمه ممتنع فعدم لازمه ممتنع فكان عدم هذه الذات ممتنعاً فلا يكون عدمها ممكناً، فإن الممكن نقيض الممتنع وإذا كان عدمها ممتنعاً لم يكن ممكناً.
[الوجه الرابع]
أن يقال: معلوم أنه لولا وجود الفاعل لكانت معدومة بنفسها ولم يكن عدمها معلول علة منفصلة عنها.
وقول القائل: علة العدم عدم العلة: إن أراد به أن عدم العلة يستلزم عدمها ويدل عليه، فهذا صحيح وإن أراد أن نفس عدم العلة هو الذي جعل المعلول معدوماً ن فهذا معلوم البطلان بصريح العقل فإن العدم المحض لا يكون له تأثير في شيء أصلاً ولأن ما لا يوجد إلا بغيره إذا لم يوجد الغير فهو باق على العدم مستمر على ما كان عليه والعدم المستمر الباقي لا يكون له علة أصلاً ولو قدر أن لكل معدوم علة لعدمه للزم تقدير علل لا تتناهى لأن ما يقدر عدمه لا يتناهى، وكل هذا باطل، فإن العدم نفي محض، ليس بشيء أصلاً حتى يقدر فيه علل ومعلولات.
وإذا كان كذلك، فالممكن لا يفتقر إلى المؤثر إلا إذا قدر وجوده وإلا فمع تقدير عدمه لا يفتقر إلى شيء أصلاً فإذا قدر وجوده واجباً بغيره وجوباً قديماً أزلياً لم يكن هناك ما يقبل العدم ولا يمكن أن يقرن بذاته شرط عدم علته.