وظاهر أن هذه المقدمة ليست بدهية، بل لا بد فيها من الدلالة، وأنتم ما ذكرتم الدلالة عليها.
وأما الثاني فباطل، لأن علمه بأن ذاته علة للشيء الفلاني، علم بإضافة مخصوصة بين ذاته وبين ذلك الشيء، والعلم بإضافة أمر إلى أمر مسبوق بالعلم بكل واحد من المضافين، فلو كان العلم بذلك المعلول مستفاداً من العلم بتلك الإضافة، لزم الدور، وأنه محال.
[تعليق ابن تيمية]
قلت: فيقال في الجواب عما ذكره الرازي.
قوله: إن قلتم: إن علمه بذاته من حيث إنها تلك الذات المخصوصة علة لعلمه بمعلومه، فهو ممنوع، وهذه المقدمة ليست بدهية فلا بد لها من الدليل.
فيقال: هي بعد التصور التام بديهية، وبدون التصور التام تفتقر إلى بيان.
وذلك لأن العلم بذاته المخصوصة، لا يكون علماً بها إلا مع العلم بلوازمها التي تلزم الذات بنفسها، ولا تفتقر في لزومها إلى سبب منفصل، فإن هذه اللوازم هي عند نظار المسلمين كلها صفات ذاتية، فإنهم لا يفرقون في الصفات اللازمة للموصوف بين الذاتي المقوم والعرضي الخارج، بل الجميع عندهم ذاتي، بمعنى أنه لازم لذات الموصوف، لا تتحقق الذات إلا بتحققه.