فنقول: إنه يجب أن يعلم ذاته بذاته، ثم إذا علم ذاته، فذاته علة لما بعده، يجب أن يعلم من ذاته كونه علة لما بعده، فإذا علم ذاته علم لا محالة معلوله.
ثم يلزم من علمه بمعلوله، علمه بسائر المعلولات النازلة من عنده طولاً وعرضاً.
وأما طولاً فكالعقول التي كل واحد منها علة للعقل الذي تحته، وأما عرضاً فكما إذا صدر شيئان أو أكثر عن علة واحدة، كما يقال: إنه يصدر عن كل عقل: عقل، ونفس، وفلك، معاً.
قال: ولقائل أن يقول: لم قلتم: إن علمه بذاته يقتضي علمه بمعلوله؟ بيناه: أنكم إما أن تقولوا: إن علمه بذاته من حيث إنها تلك الذات المخصوصة علة لعمله بمعلوله، أو تقولوا إن علمه بذاته، من حيث إنها علة لذلك المعلول، يقتضي وجوده بذلك المعلول، والأول ممنوع، فلم قلتم: إن علمه بذاته المخصوصة -التي من جملة لواحقها واعتباراتها كونها علة لذلك المعلول-