وأنت فليس لك دليل أصلاً ينفي ذلك، فإن قيام ما يتعلق بمشيئته وقدرته بذاته، لا دليل لك على نفيه، إلا ما تنفي به الصفات، كما نفيت العلم.
ومعلوم أن هذا من أفسد أقوال الآدميين.
وغاية ما تقوله أنت وأصحابك: إن ذلك يستلزم التكثر والتغير، وهما لفظان مجملان، فذاك لا يستلزم تكثر الآلهة، بل الرب إله واحد، وإنما يستلزم تكثر علمه وكلماته، وهذا حق، وهو من أعظم كمالاته.
وأما التغير، فليس المراد به استحالته، وإنما المراد أنه يتكلم بمشيئته وقدرته، ويحدث الحوادث بقدرته ومشيئته.
ومعلوم أن من كان قادراً على أن يفعل بمشيئته وقدرته ما شاء كان، أكمل ممن لا يقدر على فعل يختاره يفعل به المخلوقات، ولا كلام يتكلم به بمشيئته، ولا يرضى على من أطاعه، ولا يغضب على من عصاه.
وهم يعلمون أن الفعل الاختياري القائم بالفاعل صفة كمال، بل الحركة عندهم صفة كمال، فبأي دليل ينفون ذلك، مع تجويزهم حوادث لا أول لها، بل إيجابهم لذلك؟.
[الوجه الثامن عشر]
قوله: ثم لما كانت الجواهر العقلية تعقل ما ليس بمعلولات لها، بحصول صور فيها، وهي تعقل الأول